العقل الصامت: تأثير غياب الصوت الداخلي على الذاكرة
ريهام عطيه
5/17/2024


تخيل أن تعيش يومك دون تلك الدردشة الداخلية المستمرة. بالنسبة للبعض، هذا ليس سيناريو يتخيلونه، بل هو واقعهم. تبحث الأبحاث الحديثة في هذه الظاهرة، المعروفة باسم "انعدام الصوت الداخلي"، وتأثيراتها على الذاكرة والإدراك. دعونا نستكشف النتائج المثيرة لهذه الدراسة وما تعنيه لأولئك الذين لا يملكون حديثًا داخليًا.
انعدام الصوت الداخلي "أنيندوفاجيا"
يشير "انعدام الصوت الداخلي" إلى غياب الصوت الداخلي، وهو حالة لا يختبر فيها الأفراد الأفكار اللفظية. يمكن أن يؤثر هذا الصمت الداخلي بشكل كبير على الوظائف الإدراكية، وخاصة الذاكرة اللفظية. يعمل على تفسير هذه الظاهرة الباحثان جوهانا نيدرجارد من جامعة كوبنهاغن وغاري لوبيان من جامعة ويسكونسن-ماديسون.
أجريت الدراسة على نحو 100 مشارك، تم تقسيمهم إلى مجموعات بمستويات عالية ومنخفضة من غياب الصوت الداخلي. كشفت النتائج أن الذين لا يملكون صوتًا داخليًا يجدون صعوبة في مهام المتعلقة بالذاكرة اللفظية. على وجه الخصوص، واجه هؤلاء الأفراد تحديات في تذكر تسلسلات الكلمات المتشابهة الصوت ومعرفة الكلمات المتشابهة حين عرضها في الصور.
طلب من المشاركين أيضا تذكر كلمات مثل متشابهة في طريقة النطق مثل "bought" و "caught" و "taut" و "wart" بالترتيب. أظهر الذين لا يملكون صوتًا داخليًا أداءً أقل، ربما لأنهم لم يتمكنوا من تكرار الكلمات داخليًا لمساعدة الذاكرة على الحفظ. بالمثل، واجه المشاركون صعوبة في معرفة الكلمات المتناغمة من خلال الصور، مثل صورة "جورب" وصورة "ساعة"، مما يؤكد دور الصوت الداخلي في أداء المهام اللفظية.
استراتيجيات إدراكية فريدة
من المثير للاهتمام أنه في حين أن الصوت الداخلي يساعد الذاكرة، فإن الأفراد الذين يعانون من انعدام الصوت الداخلي قد طوروا استراتيجيات بديلة. على سبيل المثال، أفاد البعض باستخدام النقر بالأصابع "Finger tapping" للتمييز بين المهام. تشير هذه القدرة على التكيف أنه بإمكان الدماغ تعويض الصوت الداخلي بطرق أخرى.
من المجالات التي قد يلعب فيها الصوت الداخلي دورًا حاسمًا هو العلاج السلوكي المعرفي (CBT). يتطلب هذا العلاج غالبًا تحديد وتغيير أنماط التفكير السلبية، وهي عملية قد تكون أكثر تحديًا لمن لا يملكون أفكارًا داخلية لفظية. وتهدف الأبحاث المستقبلية إلى استكشاف هذه التأثيرات بشكل أكبر.
ورغم الاختلافات في الذاكرة اللفظية، لا تترجم هذه التحديات بالضرورة إلى المحادثات اليومية. تكون نتائج الدراسة أكثر وضوحًا في مهام الذاكرة المنظمة منها في التفاعلات اللفظية التلقائية.
يخطط الباحثان للتعمق أكثر في كيفية تأثير انعدام الصوت الداخلي على مجالات إدراكية أخرى، مثل معالجة اللغة والذكاء العاطفي. قد يؤدي فهم هذه التأثيرات إلى تطوير مناهج علاجية مخصصة ومزيد من الفهم لتنوع الإدراك البشري. ومع استمرار الأبحاث، قد نكتشف المزيد حول كيفية تكيّف هؤلاء الأفراد مع العالم وكيف يمكن تعديل العلاجات لدعمهم. من خلال استكشاف تفاصيل انعدام الصوت الداخلي وتأثيراته الإدراكية، تفتح هذه الأبحاث آفاقًا جديدة لفهم العقل البشري.
رابط الدراسة الأصلية